12 أبريل 2010

الأمومة

جرت العادة عند الحديث عن الأم والأمومة استلهام الشعارات المكرورة من قبيل: الأم مدرسة، الأمومة نبع العاطفة، الأم رمز الحنان وغيرها من العبارات التي تعكس في عمقها الوفاء لجميل الجهد والضنك الذي تبذله الأم ( جسدياً ونفسياً) لينمو صغيرها.. لكن تكرارتلك الشعارات يصنّم مفهوم الأمومة، ويحيطها بقدسية تجعل من مسؤولياتها أفضالا على الأبناء، وعلى الأبناء فيما بعد ردّ دين الأمومة، هكذا تسير دورة الحياة، رغم أننا ( لا نختار أمهاتنا ولا أوطاننا) كما تقول الأسطورة. وربما يعالج عبده خال في روايته ( ترمي بشرر) هذه الثيمة بتوسع أكبر، كاسرا نمطية النظرة إلى الأم. رحم الأمومة، حضن الرضاعة، مهد الطفولة، تلك السجون الصغيرة ما زلت أحنّ إليها، وأعترف أنني ما زلت أقيس نجاحاتي برضى أمي، وأحصي خيباتي بسخطها، أهادنها رغم الفارق في وعينا بالأشياء والعالم.. نعم ما زلت أستجدي دعاءها رغم يقيني أنه ليس عليّ التعويل إلاّ على جهدي في انجاز ما أريد. أصبحت الأم الآن أيقونة شعرية، تحمل إشارات ورموز يمكن استقراءها وفق سياق العمل الأدبي، فهي الأرض التي تضرب جذورنا في أعماقها، وهي الحبيبة التي ترضعنا بمشاعرها ودراقها، وهي القضية التي نضحي بدمائنا لأجل شرفها. ملائكة وشياطين ترقص في داخلي و أمي تبيع أبي وطفولتنا للغريب وتبكي على كلّ سرب يهاجر. صارت الأم بالنسبة لي بوصلة للزمن، أرى من خلال تجاعيدها ماء الوقت وهو ينساب من أصابع العمر المرتعشة، ولقد تعمدّت أن أُصدّر مجموعتي الشعرية الأولى( ما زال تسكنه الخيام ) بنص ( إلى أمي ) عندما أرجع بالشمسِ إلى أمي سألقيها عليها علّـها ترجع من بعد شباباً وأنا أرتدّ طفلاً في يديها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق