12 أبريل 2010

على الأعراف

يا لغربة الروح في هذا المكان الملتبس !

لا إلى هؤلاء و لا إلى أولئك

( البريمي ) مطهر الشاعر المعلّق
بين فردوس الحبّ وجحيم الحنين
استجواب
وراء الشمس سحبوه
و كلما نزعوا أظافره
تنموا مرةً أخرى وبشراسةٍ أكبر
فتّشوا في لثته عن أسنانٍ ليكسروها

وحينما لم يجدوا
فتحوا خبيل القلب باباً .. باباً
أمّموا قناني حلمه..
أمامه، دلقوا ماء الروح
حسرةً .. حسرة
و هو من عطشٍ إليها
كان يموت:
قطرةً .. قطرة
شجرة النار
" أحْــــرُقْــها ... "
أبوفيصل

قرر أن يحرق الجنّة
ليقضي على قطيع الجرذان
و الجراد المعرّش في خضرتها
أشعل سيجارته الأخيرة
ومشى إليها يبشّر بالخراب وقيامة النار..
غافلته يدٌ ..
كان صدى صرخةٍ يتردد
وهو يسقط من حافــّة الحلم
إلى قرار هوةٍ سحيقة ..
صرخة المغدووور
المسوخ الرابضة في جحور الظلام
تكالبت عليه
تناهشته
كما ضباعٍ جائعة.
من بقايا رماد سيجارته ودمائه
نبتت شجرةٌ
سيأكل من ثمرها – فيما بعد –
فتىً يقال له:
نيرووون".
عيون
العيون التي تخترق
بحديد نظرها الجدران
تعدل المثل الأعلى
ليصبح
(للجدران آذان وعيون)

أيتها العيون
إني أفقؤك بأصابعي
تكحلي بنا
لتبصري كيف نجمع الفقر
في علب الصفيح القابله للضغط
تكحلي بنا
لتبصرينا كيف نخبيء
براميل النفط
تحت خشونة شراشفنا
كيف نتزاحم في الأرصفة
لنضايق عرق الكادحين
وبصاقهم
اغتراب

أصدقاء الاسماعلية
لا شيء يروي اغترابهم
سوى قنينة (جين)
وقصيدة ثملة بالوطن
سؤال
أتدرين يا حبيبتي
لماذا يتعرى الشعراء
أمام البحر؟

طمعا في أن يمنحهم
قميصه الأزرق
انتظار
شفتاي يشققهما الجفاف
أقضي الليلة أنتظر قصيدة رطبة..
القمر و أنا
نحرس هدوء القرية وأحلام الكادحين ..
متى ستطلين يا قطرة الندى؟
خروج
الغريب الذي ضاقت الصحراء
بأحلامه
رهن للرمضاء ناقته
وتعلق بجناح طائر فولاذي

بأي مشيئة أسكن الريح خيمته ؟
بأي ذنب أطعم لذئاب الغياب
ثغاء صباحاته؟
الغريب يكسر ناي ذاكرته برائحة التبغ
ويتدحرج على مساء مسفلت
صيد
الزمن.. ذلك الكائن الضخم
يهرب من كل الفخاخ
التي أنصبها له
يبدو أنني سأحتاج
إلى حيلة أكثر اتساعا
تأمّـل
إلى حمادي الهاشمي

ما أبهى أسماك المحيطِ
زاهيةً كأنها زهور الربيع !
يشوقني صمتها للقاعِ
بأدغاله المرجانيةِ الغامضة
وكائناته المخاتلة !
قد ضجرتُ بالهواءِ الثقيلِ من حولي
وسئمتُ ضوضاء البشر
أقف هنا
أمام بركة الأسماك الصغيرة
حاسداً إياها على عزلتها الآمنةِ
مشتعلاً بالحنين إلى ماء أصلي
أفكر فيك
وقناديل البحر تضيء مخيلتي
لم تأخرت أيها الشتاء؟
تحرر

لم أعد أخشى
أن أخلط
في طعامي
السمك باللبن
أنا الآن حر
أنا مصاب بالبرص
انهماك

فتشت كثيرا
في كلام الأسلاف
فلم أجد
حكمة توازي صمتهم
سقوط
من على قلبك
أسقط
لا تنقذيني
دعيني
أتكسر تحت قدميك
كجوزة يابسة

أحزان معتّقة

يباس
خمر تزرعك
قمراً
في سماء الصخب
موسيقى تسرق أحزانك
من الزمن
أرداف تراقص شهوتك
أنّى لك أن تصحب كل هذا اللهو إلى
سريرك اليابس ؟
في حضرة الشمس

خلف غلالة الغموض
تتجرد الشمس من صلفها
متشبهةً بنعومة البدر
خوخة كبيرة تنضج
في بطن البعيد هي الشمس
الضباب, الدخان والغبار
تلك الحجب التي تسدلها المسافة
بيني وبين الشمس لم تستطع أن تغير
من حقيقتها النارية
كل صباح تبخر الشمس أحلامي
توقظ الحياة داخلي ..
وكائنات المسافة تتنبّه
وحدها عيون الشارع تشرع بالانطفاء الشمس تتلصص على شرودي
تتنصنت إلى موسيقى وحدتي
وتشي بي لأزهار لن أشم ذبولها
تندس الشمس في جيب الأفق
بين الأشجار تظهر تختفي
كطفلة تلاعبني الغميضة
تتواطؤ معي الشمس
تهيؤ لي ظلال السيارات
لأدوسها
حين أتجاوزها بجنوني
أرق
أفكر أن لا أفكر
أو أتذكر حزني
أصفـّي دمي من كلامٍ
تخمـّر في جرة الوقتِ
للآخرين فمٌ، لا تعبـّر عنّي

أكون أنا،عالقاً في المرايا
أكون هناك .. أكون هنا
وانعكاسي ظلال الخطايا..
أكون بما بصـّرتني به هبة الشعر
كـَوْني
مداد المعاني الذي سفحته
القوارير لوْني
وسرّي نداءٌ من الغيبِ
( يأخذني للبعيد، إلى ما وراء السماواتِ
حيث المكان مليء بلا شيءَ
حيث الزمان فراغُ )
نداءٌ يدربني للجنونِ
ضلالٌ/ إلهٌ
يقول
لأبنائه: اُصلبوني
خرابٌ/ بلادٌ
تقول لأحفادها: اِحملوني
أفكـّر أن لا أفكر
أو أتذكر حزني
أفتش عمّا أقول، وكيف أقول
و لا لغةٌ تحتوي ما يمور
بذهني
أفكر في النرجسة
فتاةٌ يفوح بأهدابها الحبّ والغطرسة
تكابر أيامها
وتسير بفائض درّاقها
نحو هاوية الغيب مستأنسة
أفكر أن لا أفكر
في خفقان فؤادي:
رهيفٌ، شفيفٌ، عطوفٌ، شغوفٌ، ألوفٌ
يسبح باسمك يا قـِبلتي وبلادي
أفكر في خفقان فؤادي.
أفكر في أصل مائي
أجئت من الملح؟
من أي بحر إذن؟
وكيف انتهيت كحفرية
في رمال الصحاري؟
وأين سيحملني عنفواني؟
وماذا عليّ؟ وماذا لديّ؟
وهل؟ مَن؟ متى؟
لوّحتني المسافةُ
والوقت دائي.
أفكر أن لا أفكر
في أصل مائي. أفكر أن لا أفكر
في الأصدقاءْ
رفاقٌ يدسّون أحلامهم
في غيوم السجائرِ
يستعذبون النبيذ اللذيذَ
ويعطون ما يملكون لعابرةٍ
ليس في وسعهم غير أقلامهم
يكتبون نبوءاتهم لغدٍ لا يجيء
ويمضون في حزنهم
وحذاؤهم الكبرياءْ
أفكر
في الأصدقاءْ.
أفكر
في الحقلِ، في النملِ، في النسلِ
فيما فعلت وما سوف أفعلُ
فيمن يربي الحنين ومن يذبحون الحمامْ
أفكر..
أحصي خراف الظلامْ
لعلّي
لعلـّي أنامْ.
رجاء
قد أكون بلا أي معنى
ولكنني ......صامتا
أتباهى بحزني
فلا تزعجيني رجاءً
دعيني
دعيني أفكر فيكِ
ثرثرة

تقول مراهقةٌ في الكتابة:
أعرف أنك لن تتذكرني
بعد أن تصمت الخمر في شفتيك
خلق

من رمادٍ ودمْ
وتناسل فينا العدمْ
صدفةً
نبت الحلمُ كالعشبِ بين صخور الجبلْ
حطّم المستحيلَ
تجذّر في صمتهِ
يرتوي من سرابِ الأزلْ
هكذا
من لهاث الوداعةِ جئنا
ومن عثرات الهربْ
من دسائسِ أنثى، وغضْبةِ ربّْ
التناقض جوهرنا
الصواعقُ آلةُ تكويننا
وعناصرنا:
الحبُّ، والكرهُ حدّ الألمْ
واشتهاء المدى
والندمْ
قهوة
إلى وسيم أبو فاشة
بيننا قهوة يا وسيمْ
قهوةٌ ما تزال معلّقةً في حبال المواعيدْ
هل نسير إلى نار أحزانها في السديمْ
أم ستأتي إلى برد أيامنا
خمرةً خلصت روحها من دماءِ العناقيدْ
جسد
إلى: أفراح
جسد يتكلمْ
يتحدث كل اللغاتِ
و يتقن فن الحوارِ
و لا يتعلثمْ
جسدٌ يتقصّى منابتَهُ
سارداً سيرة الماء و الطينِ
يخضرّ حباً
و تـُزهر أحلامُه في ربيع القلوبِ
و تنمو فواكهُهُ
جسدٌ ناضجٌ، راغبٌ في القطافِ
يقول لشاعرهِ:
كيف لم تختبرْ طعمَ توتي

و من رعشةِ الخصرِ لم تتعلمْ ؟!

كلّما ابتعد البحر
إلى المكي الهمّامي في عزلة الجنوب
" اللاقِـميْ "
شرابٌ عصِيْ
دمُ النخلِ، يبيضُّ من فرطِ عزلتهِ
عرقُ البسطاءْ
رحيقُ القرى
كـلّما ابتعد البحرُ عنهُ
يبوحُ بأسرارهِ للجبالِ
يقول لها :
الجنوب أسى
والشمال هوى
فتحكي له سيرة الصخرِ :
ما فعل الحب بالورد حتى تحجّـرَ
يبكي
على وردةٍ دفنتْ عطرَها في الرمالِ
ويبكي
يجففُ أحزانه في المساءْ
يغيّـر أخلاقهُ ، اللبنُ السكّريْ
إلى عرقٍ لاذعٍ
ضاربٍ في بياض سماواته
ثائرٍ، حبرُه دمهُ
عاشقٍ، وحبيبتُه تمْـرة كثـّفت ماءَ سُكّرِها
في يديهِ
يُضيءُ عروقَ الليالي ببسمتهِ
ثم يمشي نبياً إلى حلمهِ
ليخففَ أوجاعَ من عبدوا امرأةً
لن تكونْ
يـُطببُ أحزانَهم قبل أن يدفنوا وهمهم
في رمال الجنونْ
في مهبّ الحطام
" طوبى لمن طعموا خبزهُ في الزمان الحسنْ وأداروا له الظهر عند المحنْ"
أمل دنقل

هبت العاصفه

الرياحُ جنودُ الخرابِ

تجوسُ خلال البيوتِ

وتكسرُ أبوابَها الخائفه

هبت العاصفه

الرياحُ تطيّرُ ظِلّ النخيلِ، الضروعَ

إزارَ الوزيرِ، دموعَ النساءِ

أثاث القصور، صراخَ الصغارِ

الرياحُ تعلّقُ أسماءَ .. أشياءَ

بين السماواتِ والأرضِ

والأرضُ واجفةٌ راجفه

هبت العاصفه

البلادُ تفتّحُ أحضانها للخرابِ

وتُلقي بأرهفِ أكبادها

في مهبِّ الحطامِ

قرابينَ للعاصفه

هبت العاصفه

العُتاةُ الأشداءُ

قد هربوا للكهوفِ

وأكتافهم تنحني وتنوءُ

بما حملوا من عناقيد أعمارِهم..

كلّ أحلامهم تالفه

هبت العاصفه

هبت العاصفه

وبقيت على قمة الرفضِ

وحدي

أنا الشاعرُ الحرُّ

أكتبُ مرثيةً للبلادِ التي تركتني..

أضمّدُ أوجاعها

بعد أن تشبعَ العاصفه