28 مايو 2010

شَاعِـرٌ فِي حُطَامِ الدُّنَى إلى خميس قلم ذكرى ملتقى طلاّب الجامعات العربيّة بمصر سنة2000 واحتفاءً بصدور كتابه الشّعريّ "مازال تسكنه الخيام"
[1]

صديقي العمانيُّ
ـ ذاك الضّروريُّ جدًّا،
كخَرُّوبَةٍ في البوادي ـ يداهُ
احتراقُ الفراشاتِ في شَمْسِ
أوهامها الأبَدِيَّةِ. عيناهُ نافذتانِ
على الأُفُقِ الحُرِّ، يمتدُّ أَزْرَقَ،
فذًّا كخالقِهِ، مطلقًا كالضّياءِ...
أصابعُهُ شجرٌ غاضبٌ حولنا،
يَتَجَمْهَرُ في القحْطِ مشتعلاً
أَمَلاً
وأنينا...
وفي قلبه القُزَحِيِّ،
تَفَتَّحُ نافورةٌ للحياةِ...
[2]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك البدائيُّ كالزّعتَرِ الجَبَلِيِّ ـ يغنّي
شَريـــدا، ويهذي وَقُورًا هناك...
أراهُ رفيقًا جديرًا بأَنْ أكتوي
بِنُبُوَّتِهِ في الكتابِ الحميم...
وأن أتسمَّى بِهِ، في غيابي النّهائيِّ
عن زمني الدّمويِّ الرّجيم...
هُوَ الغامضُ الواضحُ المُسْتَبِدُّ
بفكرتهِ في التّرابِ...
هُوَ العربيُّ المُطارَدُ
في الأرضِ، مازال تَسْكُنُهُ
خيمةُ الكلماتِ...
[3]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك السّماويُّ مثل النّدى ـ
وجهُهُ الأسمَرُ المتفرِّدُ صرخَةُ زيتُونَةٍ
في الخلاء. وأشعاره خمرةُ الرَّفْضِ،
حمراءَ، تَرْمي بأعراقِهَا
في قَرارَة أعماقِنَا،
شهوةً فذّةً لا تُقال...
هو الرّعويُّ الضَّلُولُ،
يُلَبِّدُ أوهامَنا بالمدى، ويَمُرُّ
على تيه أشواقنا شاهقا، وعَصِيًّا
على الفهم جدّا، ومزدَحِمًا بالمعاني
كبيتٍ من الشّعرِ في وَطَنِ الظّلماتِ...
[4]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك الملاحقُ داخلَ
مملكةٍ من رمال وفوضى ـ تُحاصِرُهُ
الكرنفالاتُ، لكنّه مُفْرَدٌ. وخطاهُ امْتِدَادٌ
لموج البحار. وأحلامُهُ مزهريَّةُ سَيِّدَةٍ،
تعتني جيّدًا بالشّؤونِ الصّغيرَةِ
في بيتها. وملامِحُهُ، في بساطتها،
دُرْجُ طفلٍ خطيرِ يخبِّئُ فيه عوالِمَهُ
...............................
كان يكبر في جرحنا النّرجسيِّ،
كمعزوفةٍ من رَذَاذٍ تُطَهِّرُ أجسادنا
من رماد الدُّجَى. كان كالقُطْبِ،
في عهر أيّامنا، يتجلّى له اللَّهُ،
أبيضَ، أبيضَ، في الكائناتِ...
[5]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك الزّفافيُّ سِرًّا،
كأيقونةٍ في فضاءِ الكنيسةِ ـ يَسْرِقُ أوزانَهُ من غناء العصافير، مُوغِلَةً
في سماواتها، ومبلّلةً بغيوم ملذّاتِها
...............هكذا .............
............هكذا ................
كان ينظم أحزانَهُ في الدُّنَى، ذاهبا
كالدّراويش في رقصاتِ التّصوُّفِ،
محترقا بالنّشيدِ، كأنَّ بِهِ قَبَسًا
من ذهول. هُوَ النِّيتْشَوِيُّ،
وآياتُهُ العبقريّةُ في القَلْبِ،
أكبرُ من وَطَنِ الجَدْبِ
يمتدُّ أخرسَ كالجَمْرِ
أحمقَ كالقَهْرِ
حولَ صباحاته المُشْرِقاتِ...
[6]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك العنيد كصبَّارَةٍ
في المفَازَاتِ ـ يحرسُ شِعْرَ
امرئ القيس والمتنبّيَ من طائراتِ
الأباتشي ومن خطواتِ العساكِرِ
تسحق زهر المكان...
ويعرف كيف يُؤَسْطِرُ
وصفَ فراديسه في الحكايَةِ،
كيفَ يموتُ ليحيا
عميقا، ويَلْتَفُّ أزرَقَ
حول الكآبةِ ملتبسَ الرّغباتِ...
[7]
صديقي العمانيُّ
ـ ذاك المعذَّبُ في عصرِهِ ـ كان يأتي
إليه الصّعاليكُ من كلِّ صَوْبٍ،
ويحتكمونَ إلى رأيهِ في القصيدَةِ
من أشعرُ الشّعراء ؟
لهُ أن يجيزَ الضّروراتِ في موضِعٍ
دون آخرَ، أن يَتَخَيَّرَ أنبغَ أبياتِهِمْ،
ليعلّقَها فوق غيم المساءِ الحزينِ
جداريّةً للحنينِ
إلى شَالِ أنثى
إلى سنواتِ الهوى والجنونِ...
له أن يغنّي، ويبكي نَوًى
قَمْطَرِيرَ الأسى غارقا
في المتاهةِ كالصّلواتِ...
المكي الهمامي / توزر- الجنوب التّونسيّ / مارس2007

27 مايو 2010

قراءة في مجموعة ‘الممثل’ لأزهار أحمد

الأجناس السردية حافلة بالتنوع في مصطلحاتها ورؤيتها وأنواعها وعناصرها، فالرواية والقصة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً والحالة وغيرها تتماس في بعض معطياتها وعناصرها وتنفصل في بعض خصائصها وفق ظروف وملابسات وعي الكاتب وتوظيفه للتقنيات الفنية المتاحة لديه وحتى على صعيد ما يسمى محددات القصة القصيرة، فقد اختلف نقّاد الأدب في طبيعتها قياساً بالنماذج الريادية لـ (إدجار ألن بو) و(جوجول) و(تشيخوف) وغيرهم، وتحولاتها فيما بعد حتى ليصف بعض النقاد بعض نصوص (بورخيس) بأنها تمثل حالة وليست قصصاً قصيرة .

أقول إن هذا الاختلاف مرهون بظروف تتعلق بالمادة الإبداعية ذاتها، فلا يمكن وضع قوانين صارمة يتموضع القاص على أساسها في زاوية أو خانة محددة .

ومجموعة (الممثل) للكاتبة أزهار أحمد الصادرة عن دار الانتشار العربي 2007م لا تتعامل في مجمل نصوصها مع عناصر القصة تعاملاً صارماً، بل تختار من تلك العناصر ما يخدم بنية السرد ويكشف فكرته، والفكرة في كل نص من نصوص المجموعة هي بؤرته وليس الحدث ولا أقصد بالفكرة هنا مغزى النص أو مراميه ومضامينه الدلالية بل النواة الأولى لكتابة نص مختلف على الصعيد الشكلي الخارجي للنص، كتقسيم النص إلى مشاهد مسرحية كما في نص (ستة صناديق من العنب)، (سنوات البياض) وعلى المستوى الداخلي المضموني بما يحمله الموضوع المطروح من غرائبية أو مفارقة كما في نص (الممثل)، ( إما أنا أو أنتِ).

وتأكيداً على سعي الكاتبة لإنشاء نصوص قائمة على الفكرة الجديدة أستعير هنا عبارة إحدى شخصيتها وهي (فرح) في نص (طلبنا طعاماً صينياً)، إذ تقول في حوار لها مع صديقتها (منى) ص 13:

ـ من كتب هذا الهراء يا فرح؟؟

هراء؟؟ ألا يعجبك؟؟ أنتِ الوحيدة التي ظننت أنه سيفتنك.

ـ ما الذي يمكن أن يفتنني فيه يا عزيزتي؟؟

الأسلوب (الفكرة)، البنية، ( النص جديد تماماً)

هذا هو حال الكاتبة تسعى من خلال الفكرة إلى كتابة نصٍ جديد تماماً.

للوهلة الأولى يظن الناظر إلى نصوص المجموعة أنها متجاورة، كل نص مستقل بفكرته وبنائه، لكن سرعان ما تتضح خطوط التماس بين النصوص بالقراءة الفاحصة وبمقدار ما تحدد هذه الخطوط ملامح النصوص وعلاقاتها وتسرّب ضمنها انفعالات الكاتبة النفسية وأفكارها. قد تتمركز هذه البؤرة/ الفكرة في أحد عناصر القصة كالحوار أو العقدة أو الشخصية مذوّبةً بقية العناصر بمعنى أن عناصر القصة تضمر وتنصهر لحساب فكرة النص فيغدو النص (نص الفكرة).

يمثل الحوار في قصة (ساشا والحصان) نموذجاً للفكرة الشكلية، فالحوار هو بؤرة النص والمسيطر على بنية السرد من البداية إلى النهاية بمعنى أن (النص برمته قائم على الحوار والعناصر الأخرى تتضاءل أمام سطوته)، ملامح الشخصيتين المتحاورتين مثلاً لا تكاد تبين ولا تتمايز فهما ذاتان تقعان في إشكال لغوي حول جملة خبرية إخبارية تحتمل الصدق أو الكذب وهي (ساشا وقعت عن الحصان)، ويستدعي هذا التشاكل اللغوي تحري الحادثة (حادثة وقوع ساشا عن الحصان) وتقصي علاقة (ساشا) بالأحصنة يتم ذلك باستخدام جمل استفهامية مكثفة عن طريق أحد أطراف الحوار الذي يبدي قلقه لأمر ما. ورغم أن وقوع ساشا عن الحصان يمثل حدثا بسيطاً لكن هذا الحدث لا ينمو بل يُنمَّي أو يساهم في نمو الحوار وتداعياته. كما أن الحوار لا يكشف أبعاد الشخصية المحورية (ساشا) التي يبدو من اسمها فقط أنها غير عربية وكل ما نعرفه أنها صديقة للمتحاورين. والتشاكل اللغوي الذي سوَغه الحوار يتأكد في نهاية النص ص 27:

ـ لكن قل لي: هل وقعت عن أم من؟

لماذا؟

ـ لكي أكتبها بشكل صحيح في قصتي عن ساشا والحصان.

الواضح أن القلق والتوتر المصاحب لأسئلة الحوار يتبخر في النهاية، فالمحاور السائل يتحرى الدقة اللغوية لكي ينجز قصته عن ساشا والحصان، لاغياً قلقه على ساشا وغير مكترث بمصيرها. هذه الجرأة في كتابة نص سردي قائم على الحوار فقط يؤكد سعي الكاتبة وتفتيشها عما هو جديد عن طريق التجريب الشكلي.

والكاتبة مسكونة كذلك بفكرة الكتابة أو (الكتابة عن الكتابة) ويظهر ذلك بشكل عرضي في النص السابق في الجملة الأخيرة تحديداً (لكي أكتبها بشكل صحيح في قصتي عن ساشا والحصان)، كما تظهر ذات الفكرة في الجملة الأخيرة أيضاً من نص (قطعة خبز ومربى) حين تقول ص 55:

(وما بيدي حيله سوى أن أقضي الوقت بين جر حقائبي ومراقبة الناس والقراءة والكتابة)

هذه إشارات عابرة إلى حضور الكتابة، بينما تكرس الكاتبة النص الأول والثاني في المجموعة للتعبير عن هذه الفكرة: (الكتابة عن الكتابة)

النص الأول: (الكاتب الذي لا يحسن صياغة كذبة)

النص مركب يتشكل من ثلاثة نصوص فرعية غير مكتملة وهي:

1ـ أنا وصديقي في شوارع حلب الشهباء

2ـ أنا وصديقي في القاهرة الجميلة

3ـ أنا وصديقي في لشبونه

تتضام هذه النصوص الفرعية في داخل النص الرئيسي المشتمل على صوت السارد الذاتي وهو يعلق على محاولة كتابته للنصوص الفرعية وإخفاقه.. النص الرئيسي يكشف عن إفلاس (السارد/ شخصية محورية) وفشله في أن يصبح شاعراً: ص 11:

(أعلم أنني فشلت في كتابة ديواني الشعري الأول الذي أسميته “الرجل الذي يحب صنع الحلوى الجديدة” لم أكن أحب صنع شيء، لذا كانت كذباتي واضحة لأنها تفتقد إلى روح الثقة، والكذب متعب بالنسبة لي، لم أستطع كتابة قصيدة عن طبق واحد، بالرغم من إنني بذلت الكثير من الجهد في قراءة كتب الطبخ وغيرها)

بعد هذا الفشل الذريع يتوجه السارد إلى كتابة سلسلة قصصية بعنوان “مع صديقي في بلدان العالم” طارحاً أثناء سرده إشكالية الكتابة عن تجربة متخيلة في أماكن تشكلت مشاهدها الصورية من خلال المسلسلات والكتب فقط، مصحوباً بخوفه أن يكشف أحد ما كذبه في كتابة تجارب لم يعشها. هذه الرغبة العميقة من قبل السارد في الكتابة والإصرار على استمراريتها وتقديم نماذج لا تخلو من الطرافة، كل ذلك يعكس قلقاً سرياً يشغل الكاتبة، يختص بطبيعة الكتابة وحرارة التجربة ويمتد

خميس قلم

26 مايو 2010

صدور مجوعتي القاص محمود الرحبي والشاعر خميس قلم / الثلاثاء 27-10-2009 04:15 مساء

أشرعة ـ سالم الرحبي:صدرت مؤخراً مجموعتي القاص محمود الرحبي والشاعر خميس قلم الفائزين بجائزة "دبي الثقافي" في دورتها السادسة 2008 ـ 2009. وفاز القاص محمود الرحبي بالمركز الأول في مجال القصة القصيرة عن مجموعته "ارجوحة فوق زمنين" فيما حصد الشاعر خميس قلم المركز الثالث في فرع الشعر عن مجموعته الشعرية "في مهب الحطام".

وكانت لجنة المسابقة قد اختارت القاص محمود الرحبي لإلقاء كلمة الفائزين خلال حفل توزيع الجوائز الذي تم الاسبوع الماضي بحضور مجموعة من المثقفين العرب أبرزهم ادونيس وزاهي وهبي واحمد عبدالمعطي حجازي وسيف الرحبي وخالد الصاوي وامجد ناصر وبروين حبيب وآخرون. وكان محمود الرحبي قد عبر لـ"أشرعة" عن سعادته بصدور مجموعته التي اختارتها لجنة تحكيم القصة لتحل في المركز الأول ، ولاختيار اللجنة المنظمة له لإلقاء كلمة الفائزين. وتتضمن مجموعة "ارجوحة فوق زمنين" "12" نصاً جديداً هي: سيح الأحمر، وثلج يسقط على مسقط، وهل هما فعلاً قطعتان من المرمر؟، وهواء، وصباح الاشاعة، وفعل الأشياء القديمة، والذائب، ومكنسة الغروب، وليلة العسل، وحوار لا يعبر، ولحم الكلب، وحديث صاخب بما معناه. ولمحمود الرحبي ثلاث مجموعات قصصية هي "اللون البني" و"بركة النسيان" و"لماذا لا تمزح معي؟" اضافة الى روايتين هما "درب المسحورة" و"خريطة الحالم". فيما تضمنت مجموعة "في مهب الحطام" لخميس قلم مجموعة من النصوص أبرزها "في سبيل الشمس" و"غيابات" و"جسد" و"شجرة النار" و"اغتراب" و"يباس"، وللشاعر مجموعتين سابقتين هما "مازالت تسكنه الخيام" و"طفولة حامضة".

موقع السلطنة الأدبية / يوم الخميس 30/07/2009

خميس قلم يحصد المركز الثالث في دبي  الثقافيةالشبيبة: حصد الشاعر خميس بن قلم الهنائي المركز الثالث في مسابقة مجلة "دبي الثقافية " في دورتها السادسة بمجال االشعر عن مجموعته " في مهب الحطام " حيث ستقوم المجلة بطباعتها وتوزيعها خلال حفل يقام في دبي يجري خلاله تكريم الفائزين في هذه المسابقة التي ستعلن نتائجها اليوم في دبي حيث علمت "الشبيبة "من خلال مصادرها الخاصة بعض نتائجها ومن بينها فوز القاص محمود الرحبي بالجائزة الأولى في مجال القصة القصيرة عن مجموعته "أرجوحة فوق زمنين". وجاء هذا الفوز بعد أن حقق الهنائي عدة إنجازات في ملتقيات ومهرجانات محلية عديدة ليكون الفوز الأول له على المستوى العربي خصوصا أن لجنة التحكيم ترأسها الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي وضمت أساتذة متخصصين ولهم باع طويل في النقد كالدكتور صالح هويدي والدكتور علي بن تميم. والهنائي واحد من الشعراء الذين تميزت نصوصهم بالأناقة اللفظية والثراء الموسيقي: عندما أرجع بالشمس إلى أمي سألقيها عليها علّها ترتد من بعد شبابا وأنا ارتدّ طفلا تشهد على ذلك مجموعتان شعريتان أصدرهما وهما (ما زال تسكنه الخيام) و(طفولة حامضة )،وتجمع مجموعته الجديدة الفائزة "في مهب الحطام " نصوصا تنتمي لقصيدة التفعيلة وأخرى لقصيدة النثر وهي تجربة جديدة يخوض غمارها الهنائي سبق للشاعر حسن المطروشي أن فاز بالمركز الثاني في الدورة الأولى من المسابقة فيما فاز القاص خليفة العبري بجائزة تقديرية في الدورة نفسها في مجال القصة القصيرة وهو المجال الذي فاز به الدكتور عبدالعزيز الفارسي بجائزة في الدورة الثانية.

24 مايو 2010

الشاعر العماني خميس قلم للوكالة: أن تكتب يشبه أن تلعب الشطرنج.. وأكتب لأختزل الزمن وأكثف اللغة في سطور السبت, 2010.04.17 (GMT)

خميس قلم

وكالة أنباء الشعر –عمان –أصيلة المعمري

هو ليس تقليديا بتاتا ً وسوف لن يكون ، هكذا ألتقيت به وهو ينبض شعرا وحياة ويوزع الأحلام لاعناً اللسعة الأولى ، الشاعر العماني خميس قلم ، كتب القصيدة الفصيحة وصدرت له مجموعة من الدواوين الشعرية منها: طفولة مالحة وله العديد من المقالات الأدبية في قصائد رواد الشعر الحديث ، درس الأدب العربي وله ذكريات كثيرة عندما كان يترأس جماعة الخليل للأدب قبل سنوات ، أقتربنا منه تحدثنا عن سيرته الأدبية ولحظات الكتابة الأولى ، فكان لنا معه هذا الحوار ..

- لماذا تكتب ؟

ألن يكون تقليدياً أن أقول أني أكتب لأتحرر من سطوة الواقع، وأفرغ روحي المشحونة بالقلق بالدخول إلى عوالم الحلم السرمدية؟ أم عليّ أن أزعم أنني أكتب لأختزل الزمن وأكثف اللغة في سطور، أخبئها في جيوب الذاكرة، أو لعلّني أكتب لأؤرخ آلامي وأجدد آمالي في الحياة، لست أدري.لقد ترجم أحدهم السيرة الذاتية لماركيز بـ( نعيش لنكتب ) أما أنا فسأعاكسه قائلاً بل ( نكتب لنعيش ) ولا أظن أن المعادلة ستختل وإن اختلفت الدلالة. أن تكتب يشبه أن تلعب الشطرنج، تنجرف في احتمالات المعنى والبقاء.

- ما المؤثرات التي دفعتك للكتابة؟

لسعة عصا والدي التي أنضجت رجولتي قبل الأوان كانت المحرض الأول لي للهروب إلى أفق الحلم والخيال، مبتكراً الأكاذيب المحكمة لأتخلص من تكليفات الطقوس القاسية، دينية واجتماعية.لم يكن والدي كوالد ( نيكوس كزنتزاكيس) يدفعني إلى معلم لتأديبي قائلاً " العظام لنا، واللحم لك" لم يكن بحاجة إلى ذلك لأن أبي هو ذاته معلم القرية، لحمي وعظمي له طيلة الوقت، ظهري دفع ضريبة كوني ابن المعلم، متهذباً في المدرسة والبيت معاً، حتى كرهت كلمة قدوة.بطبيعة الحال صارت القراءة عملاً آلياً وإن انصبت في مضمون مذهبي ديني.القرية بحموضة صيفها نبهتني إلى عوالم الروائح والألوان وعمّقت حواسّي حيال الطبيعة بطينها وشمسها، صخرها ونباتاتها، كنت أكتشف ذاتي في الأشياء، ارتبطت مع موجودات الطبيعة بعلاقة خاصة حتى أصبحت الأشجار أمهاتي، تحنو عليّ وتطعمني، ما زال مذاق السدر، الليمون، الفرصاد، السفرجل، الجوافة، التين الجمّيز، الزّام، التوريان، والتمور في فمي.القرية، بسذاجة أهلها، وغلظة طباعهم، بقذارة أطفالها والذباب يطن حول مناخيرهم اللزجة، بتجاعيد كهولها ولحاهم الكثة، برضى نسائها وهنّ ذاهبات إلى حصاد النخيل، بانكسار فتياتها وهنّ عائدات بالمواعين على رؤوسهنّ، القرية علمتني الملاحظة.تشربت بروح القرية، قططها أخواتي، ترافقني في أزقة الحارات، أحملها على رأسي فيقشعرّ بدني لذة، جبالها مراكبي، أبحر عليها لأصطاد قمرا مكتملاً، كم حاولت أن أنقبه بسعفة طويلة دون جدوى، نمالها أصدقائي الأقزام، أكلت الحشرات: الجراد، والفنازيز، أسقطت أعشاش الدبابير لأسف ديدانها، ما ألذ الجراد مقلياً! وما أشهى الديدان مشوية! شربت من ماء الفلج المختلط ببول الضفادع، سرقت بندقية أخي لأصطاد العصافير الدقيقة، أنتشي بوقوعها ثمّ أشفق عليها حين ترتعش بين يديّ ارتعاشتها الأخيرة.

القرية إذن ولسعة عصا والدي شكّلا نفسيتي المضطربة والحالمة، ولهما أعزي انسياقي للكتابة في فترة المراهقة، أمّا الآن، فأراني مدفوعاً للكتابة بأسباب وجودية: التباس علاقتي بالكون وما ورائه، اهتزاز ثقتي بالبشر، شعوري بالاضمحلال، نقصاني، وتلاشي العالم من حولي، العالم بما يضجّ به من مآسي وكوارث طبيعية ومصطنعة.

- خميس قلم ، هل تحن لأيام الدراسة ولجماعة الخليل للأدب خاصة وأنك كنت رئيس مجلس إداراة الجماعة ؟

أحنّ، لكني لا أريد الرجوع إلى الوراء، خرجت من رحم جماعة الخليل للأدب وعشت طفولتي الشعرية مع أصدقاء الجامعة، وها أنا أتشرد بين الأمكنة وما زلت في طور المراهقة الشعرية. أسعدني كثيرا حين استضافني أعضاء الجماعة تاريخ 4\4\2010 وقد أكملت تسع سنوات على خروجي منها ( تخرجي فيها، كما يقول الفصحاء) خامرني شعور التبس فيه ألفة المكان و وحشة غياب وجوه الأصدقاء فيه، حينها تذكرت المتنبي وهو يضرب في الأرض قائلا:

غني عن الأوطان لا يستفزني إلى بلد سافرت عنه إيابُ.

وقد خالفته: فالجامعة بلدُ طالما استفزتني الذاكرة للعودة إليه.

- من خلال متابعتك للساحة هل أصبحت جماعة الخليل للأدب قادرة على تخريج مواهب أدبية متحققة للساحة كالسابق ؟

جماعة الخليل أم ولاّدة، تنتج أجيالاً من فصائل أدبية شتى، أذكر مثالا وليس حصرا ماجد الندابي في الشعر الفصيح وأفراح الصالحي في الشعر النبطي، وليد النبهاني في القصة القصيرة، وقد تعرفت في لقائي الأخير مع أعضاء الجماعة على مشاريع واعدة يحضرني اسم نوف السعيدي نموذجا. لا أزعم أني أتابع كل نتاجات الشباب بشكل مكثف، لكني أحرص على عدم الانقطاع عن المشهد الأدبي في عمان، ودم الشباب هو اللون النابض في أي صورة إبداعية.

- بعد مجموعة إصداراتك ، أيهم الأقرب لخميس قلم ؟

كلها بعيدة عني ..

- وهل هناك مشروع قادم ؟

أنتظر أن أنشر " شجرة النار " مجموعة شعرية ربما تعبر عن هواجس هذه المرحلة وتعقيداتها.

- كونك قريب من الساحة الإماراتية والساحة العمانية ، ما الذي يعاني منه الشعر الفصيح في هذا العقد من الزمن ؟

سأقول هذا الكلام من داخل الدائرة التي أنظر منها كوني متابع لبعض ما ينشر في الأدب العالمي " ليس من علة في الشعر الفصيح الذي يكتب بالعربية أو يترجم بها ( فلا أحد يترجم بالنبطية كما تعلمين) العلة فيمن ضيّق دائرته ولم ينفتح على أفق الشعر الواسع، وصدق أوهامه بأن البذخ الإعلامي هو دليل على الصحة والسقم.

لكل شاعر حرية أن يدوّن مشاعره بالأداة التي تناسب مهاراته، واللغة التي تستوعب فكره ومشاعره.

- لماذا لم تشارك في مسابقة أمير الشعراء للآن؟

لا يتناسب مع شخصيتي أن أقف مصفوفا مع زملائي الشعراء أترقب نتيجة تؤكد على خيبة آمالي، فأنا يؤذيني الضوء وحتماً سأحترق بالفشل، قصيدتي ليست جماهيرية، وليس لدي قبيلة تدعمني بأصواتها وجيوبها. أصحاب المصالح والتجار هم من يتنافسون أما الشعراء فيتآخون كما قال أدونيس مرة،

- أنت مبتعد نوعا ما عن الأمسيات ، ولك وجهة نظر فيما يخص العمل المؤسسي الثقافي، هل ما زالت تسيطر عليك تلك النظرة؟

أبتعد عن المؤسسة الثقافية التي تستخدم الكتّاب لتزيين صورتها، وأنتظم في العمل الثقافي الحرّ الذي يسعى لتحقيق أحلام الكتاب لإيجاد خيارات أجمل للواقع والمستقبل الثقافي.

-يتوجه أغلب الشعراء والكتاب في هذه الأيام لـ المدونات الالكترونية ، ولك تجربة في ذلك ،حدثني عنها ؟

المدونة بدأت كأرشيف لجمع ما تم نشره من نصوص ومقالات وبمساعدة بعض الأصدقاء سأعمل على تزويدها بملفات صوتية لنصوص شعرية، وأريد أن أشكر هنا معاوية الرواحي على دعمه النفسي لإنشاء المدونة كما أشكر سامية فراوس على إخراجها للمدونة.

- مجال دراستك له علاقة بالأدب العربي ، هل كان ذلك محض صدفة أن أنك كنت تود فعلا دراسة هذا المجال؟

بدأت دراستي الجامعية في كلية التجارة وجذبني مغناطيس الأدب إلى قطبه، فانتقلت إلى تخصص اللغة العربية وآدابها.

- لك مجموعة من المقالات النقدية في الشعر العربي بين حين وآخر ؟ هل هناك نية لإصدار كتاب يحوي مقالاتك ودراساتك في ذلك ؟

أحاول الآن أن أجمع ما كتبته من متون الجرائد، ثم لكل حادثة حديث.

- في زمن باتت تتلاشى فيه لغتنا الفصيحة الخالصة ، هل تشعر بالأسى لذلك ، وكيف يؤثر فيك كـ كاتب للشعر الفصيح ؟

اللغة العربية لها مقومات الاستمرار، هي كما يقول درويش: هوية العربي، أنا لغتي أنا، وأثره الخالد، مسلته وعصا سحره ومعدنه الصقيل، ومقدس العربي يعبد ما يسيل من القوافي كالنجوم على عباءته ويعبد ما يقول..

- ما هي أمنياتك التي لم تتحقق للآن ؟

أن انصهر في المعنى

- كلمة أخيرة ؟

أفكر في النرجسة.