16 يونيو 2009

حوار مع خميس قلم خميس .. لجريدة الزمن

· سنبدأ من الاسم .. مالذي يعنيه لك هذا الترابط (المصادف) بين اسمك " قلم" والكتابة ؟
· خميس قلم خميس..لم أكن متآلفاً مع اسمي في البداية، لقد سبب لي مضايقات كثيرة خصوصاً في سنوات المراهقة ، وبعد أن وعيت إلى عمق الدلالة التي يختزنها اسمي واسم والدي وجدي ، شعرت بانتماء روحي للاسم ، خميس قلم خميس كأنك تشاهد لوحة لجيشين يصطرعان والقلم بينهما فيصلٌٌُُُ بلامه ،وحكيمٌ بميمه وقائد بقافه أنا فخور باسمي ، وأتمنى أن يكون لي منه نصيب، وفي أذن الجوزاء منه زمازم.
· هل البيئة والمحيط الأسري يساهمان في صنع شاعر أم ثمة روافد أخرى تصنعه ؟
· الوصفة السحرية لصنع شاعر سرية وغامضة ، لكني متأكد أن الوجوه والأمكنة والآلام والآمال تساهم في تفجير العبقرية بشتى مجالاتها .. الأهم وجود تربة صالحة لنبتة الإبداع ، وحتى الشوك ينمو أيضا في التربة لكنه يؤذي ويدمي من يتحرش به.
· موقفك من المؤسسة الثقافية هو موقف اتخذه أيضا بعض الشعراء ، هل باعتقادك أن المؤسسة تصنع هذه القطيعة ، وما الذي تحتاجه المؤسسة للاقتراب من الكاتب والعكس ما الذي يحتاجه الكاتب للاقتراب من المؤسسة ؟
- موقفي من المؤسسة الثقافية موقف مضطرب ، لست على قطيعة قطعية معها، لكنني أيضا لست بوقاً ينفخ بواسطته الأوصياء على الثقافة بمنجزاتهم الهشة ، أنا أتواصل مع أي عمل ثقافي جادّ وفعّال ومنتج تتبناه أي مؤسسة ثقافية وبالطبع أنقطع عن أي حدث ثقافي يسطح الثقافة ويتخذ منها أداة لتحقيق سمعة وصيت زائف ، أنا لست مع أي فعل ثقافي لا يرقى بالإنسان في جوهره ، الإنسان العماني بحاجة إلى من يلامس روحه عبر تجليات الإبداع بمختلف روافدها.
الإنسان العماني في كدحه اليومي يحتاج إلى مثقف شريف يعبر عن آلمه وطموحاته.
· شاركت في الملتقيات والمهرجانات الشعرية التي تتبناها هذه المؤسسة وحصلت على جوائز عدة ، ما سبب ابتعادك عن المشاركة الآن هل هي قناعة بأنك لم تعد بحاجة إلى المشاركة أم بسبب الآلية التي تتخذها المؤسسة في الحكم على النص ؟
· لا شك إني أدين للملتقيات والمهرجانات فهي رافد لرؤية تجارب شعرية متنوعة ريادية وناشئة، لكن آخذ عليها كونها وظيفية ، تكرر نفسها ، بل وقد تردت كثيرا في الآونة الأخيرة ، ربما يكون هذا كلاما قاسيا ، إنما لا بد على ملتقيات الشعر ومهرجاناته أن تتقدم في رؤيتها وصياغتها خصوصا في ظل تطلعات الشعراء الشباب إلى مهرجانات تنافس ما يرونه في الدول العربية والخليجية ، ولا يتأتى ذلك إلا بأن يضع برامج هذه المهرجانات شعراء ومختصون في العمل الثقافي وليس مجرد موظف يقوم بنسخ أوراق السنة الماضية وتغيير التاريخ فقط .
· شاركت بأول نص قصصي في إحدى الملتقيات وهو ( الحاسد زوج البخيلة) بطل النص( سليمان) والبطلة( بلقيس) هل ثمة تقاطع متعمد بين(الاسمين) فقط والسيرة النبوية ، أم ثمة دلالة أخرى للاسمين ؟
· في تلك التجربة ، كنت متأثرا بأسلوب ( مفلح العدوان ) في مجموعته( موت عزرائيل ) باستخدام تكنيك هدم القصة التاريخية وإعادة بنائها وإسقاطها على الواقع ، حاولت أن أجرد سليمان من ذاته النبوية بمعنى لا أتحدث عنه تاريخيا كنبي ، بل كرمز للسلطة فسليمان في القصة رمزا للسلطة التي تجرد المبدع -ويمثله الفلاح- من أدواته الإبداعية والإنتاجية ( مصادرة الثور الذي يحرث به الفلاح أرضه )و(خصيه فلا يحصل على المرأة التي حلم بها ) هذه كلها رموز لم أتعمد بواسطتها الإساءة إلى الذات النبوية لسليمان عليه السلام ، والطريف أن ما حدث للفلاح / هو بالضبط ما حدث لي، لقد فقدت فحولتي القصصية.
· هل تعتقد أن السلطة الدينية تأثيرها أقوى من السلطة السياسية والاجتماعية ؟ وأين تقف حدود حرية التعبير ؟
· عمان ليست دولة علمانية حتى يتم خصخصة السلطات ، الاتجاهات والتيارات في هذا البلد المركب كلها متورطة في الدين والسياسة والمجتمع، بمعنى أن أفراد المجتمع العماني لا ينفكون يدورون في فلك واحد بمختلف انتماءاتهم المذهبية .
· " طفولة حامضة" و" ماتزال تسكنه الخيام" تجربتين متقاربتين هل كتبت النصوص في المجموعتين في نفس الفترة ، مالفرق بينهما ؟
· لا أعرف المقصود بحدود الفترة ، لكن أكثرالنصوص كتبت أثناء الدراسة الجامعية ، خصوصا ( ما زال تسكنه الخيام ) وقبله ( أثر ) القسم الأول من ( طفولة حامضة ) ، أما القسم الآخر (ظل ) فقد كتبت قصائده في مرحلة متأخرة ، بذلك يكون موقع ( ما زال تسكنه الخيام ) في وسط ( طفولة حامضة ) بين ( أثر ) و( ظل )، أتمنى أن لا يكون هذا الكلام معقدا .
· لديك أطلال خاصة تقف عليه كالطفولة والخيام التي تمثل التنقل والترحال ، إلى أي مدى تحضر هذه الثيمة وهي الاغتراب والحنين لدى الشاعر خميس؟
· الحنين الجارف للطفولة هو تعبير عن الاغتراب الآسن في الروح قبل المكان ، لا أعرف هل قدر الشاعر أن يشعر بعدم الاستقرار ، ما أشعر به بالفعل هو إنني لا أنتمي إلى السماء ولا إلى الأرض ، كأنني قنطور\ وهو كائن أسطوري له جسد حصان ورأس إنسان ، وهذا شعور موحش ولكنه خلاق ، الطفولة والخيام هي أطلال تمثل القـَرار وليس الفـِرار.
· ظهرت تجارب مع ظهورك واستمرت إلى فترة معينة واختفت فجأة مثل( علي الرواحي وخالد العريمي ومحمد الشحي وحصة البادي ) ، وتجارب أخرى مازالت تنشر وتشارك في المهرجانات ، هذا الابتعاد والغياب ألا يسبب ظهور بعض التجارب البسيطة والمتواضعة تحتل المشهد ؟
· أعتقد أن كل أسم من الشعراء السابقين له خياره في الصمت وظروفه ، وهم وإن صمتوا عن النشر لا أظنهم قادرين على التخلص من فيروس الكتابة الضارب في دمائهم ، وأتمنى أن يعودوا جميعا للنضال بالكلمة ضد القبح والفناء.
· ما رأيك في المشهد العماني الشعري والسردي أيضا ؟
· كما لا حظت في السؤال السابق فإن معظم الصامتين من الكتاب هم شعراء ، وأظن أن هذا الاقتصاد في اللون الشعري في مقابل التبذير في اللون السردي يشكل حالة من التناسب في اللوحة الثقافية ، والصراع بين الكم والنوع قديم، ولا يحتاج السامع ليفرق بين الثرثرة والغناء إلى عدسة مكبرة .
· كونك " معلم " هذه الوظيفة التي تضعك في معمعة الخليط الاجتماعي والتقارب الإنساني الآخر ، هل تسبب لك قلق في حاجة الشاعر الى عزلته المشتهاة ، كيف تعايش الوضع " كشاعر"؟
· الوظيفة عزلة داخل العزلة المشتهاة.
· هل تعتقد أن النشر الالكتروني يساعد الشاعر في ظهور تجربته دون الحاجة إلى إعلام ومؤسسه تبعثه لمشاركات خارجية ؟ ما مساوىء النشر الالكتروني إن كانت ثمة منها ؟
· النشر الإلكتروني سلاح ذو حدين ، لدي قلق من الكائنات الافتراضية أما الأوراق الحبرية أكثر ألفة وثبوتية .
· النقد ... لك اشتغال نقدي في بعض التجارب العمانية والدراسات ، مارأيك في التجربة النقدية العمانية؟ ما الذي تحتاجه لترقى بالمشهد الثقافي في عمان ؟
· الصدق في المقاربة النقدية أهم أدوات الناقد ، لان آفة النقد في عمان المجاملة والتلفيق وأرى أن ثمة تجارب نقدية تتخلـّق في الساحة وعلى صدور الجرائد.
· ما لذي تعنيه لك هذه المفردات "
البحر: مغرور ، لم أفلح في إقامة صداقة معه ، علمني التواضع .
الطفولة: ماء تسرب من بين أصابعي ولم أرتوِ منه بعد .
الأم : جناح كسير لكنه يدفئ.
جداتنا الطيبات: كنت أظن إنهن تمائمنا ضد الموت ، لكن الكفاح الأسطوري ( للحبوه زهرة ) ضد الموت لم يستطع أن يؤجل رحيل ( فيض ) ابنة حفيدها .
الوطن : ذرة رمل بعيني ، أحملها حيث أمضي ، و تألمني .
القراءة : ضرورة حتمية لنمو متكامل .
· ماذا شعرت عند رحيل محمود درويش ؟
· بنفس المرارة التي تجتاح المرء وهو يشاهد رأس طفل وقد أندلق دماغه من جمجمته تحت القصف ، الفرق الوحيد أن الطفل قد توقف عن صراخه أما درويش فتحول صراخه إلى زئير ارتعبت له كعوب البنادق.
· هل من كلمة تود أن ترسلها عبر جريدة الزمن ؟
· أود أن أعبر منبر الزمن الذي يتيح أكثر من غيره حرية الرأي والتعبير ، أعلن تضامني مع الشرفاء الذين يدافعون عن حق الكلمة ، وأتمنى للكاتب ( علي الزويدي ) أن يتجاوز المطبات بسلام .

هناك تعليقان (2):

  1. المكي الهمامي14 أبريل 2010 في 2:49 ص

    سعدتُ كثيرا بقراءة حوارك المتميز.

    ردحذف
  2. المكي الهمامي14 أبريل 2010 في 2:55 ص

    سعدتُ بقراءة حوارك المتميز.

    ردحذف