جثمان المدينة
عبدالله حبيب
وأنا ذاهبٌ إلى المكتبة في الصباح
كان القطّ المدهوسُ
مستقراً على جنبه الأيسر
في وسط الإسفلت
تماماً
وأنا عائدٌ من الحانة في آخر الليل
كان القطّ قد تعب قليلاً
فجمع أعضاءه إلى بعضها بعضاً
التماساً للدفء في الليلة الباردة
واضجع هذه المرة
ملتحفاً أثرهُ
ودمَهُ
في وسط الإسفلت
تقريباً
*******************************************************************
المُواءُ الأخيرُ
محمد السناني
إلى أرواح القطط التي قَضَتْ
وستقضي، دهساً، في شوارع العالم
تموتُ غريباً
وتحيا غريباً
كأنكَ ما كنتَ إلا الهباء
وأرواحُكَ السبعُ تحتَ السماء
ترفرفُ فوقَ جثامينكَ المهملاتِ
صباحَ مساء
فقلْ لي: هل الموتُ إلا حياةٌ
تُوسِّعُ هذا الفضاءَ المُطوَّقَ بالموت؟
هل الموتُ إلا الغناء؟
كنتُ أراكَ كمن يَعبرُ المستحيلَ
ولكنَّهُ لا يصلْ .....
كأنَّ الرصيفَ رصيفُ الأزلْ،
تَخونُكَ فيكَ الغريزةُ والظِّلُّ
واللَّونُ والشمسُ والزمنُ/الضوءُ
والعابرون إلى (حيثُ.... لا حيثُ)
إلا الأَجَلْ
لم يكنْ موتُهُ حادثاً يُتناقلُ للتسلية
كان مرورُ الإطارِ على الجَسَدِ الهَشِّ
أدعى إلى السخرية!
لا لستُ أرثي الطبيعةَ
لا لستُ أهجو التَّقدمَ نحو الخراب
ولكنني أَتَدَاعى، كما تتداعى البيوت،
لرؤيةِ قِطٍّ يمـوت
لا مُواءَ سيملئُ جُدرانَ عُزلتِنا
بعدَ هذا الخـواء
******************************************************************************************
( نص على نص )
رثاء قطّ
خميس قلم
تصدير: يجب الإشارة إلى نص عبدالله حبيب " جثمان المدينة " في كتابه " فراق بعده حتوف
لو أنك رَكنتَ إلى الأرائكِ الوثيرة
لو أنك مكّنتَ الأصابعَ الرخوةَ من فروك الحُرّ
لما شربتِ العجلاتُ من دمك
يا ابن الأزقةِ الضيقة
أيّ جوعٍ رماكَ إلى الإسفلتِ الغادر ؟
ألم تكن مخالبك وفيةً لبطنكَ
أم هرمتَ بما يكفي ليخونكً فسفورُ عينيك ؟
ولكي يكونَ لغيابكَ معنى نبيلٌ
سأزعمُ إنها قصة حبٍّ
فتّتتْ ما تبقى من أرواحكَ، فزهدتَّ في جسدك .
لكن قل لي
( وأعلمُ أنني لن أسمعك )
أتراجعَ الموتُ قليلاُ حين نفختَ ذيلكَ أمامه
أم فاجأته بحضورك البارد ؟
ها أنت الآن
لا لحم، ولا عظام، ولا عصب
لم يبقَ من أثركَ سوى بقعةِ دمٍ
شاهدةٍ على ذاكرة الحبّ والحرية .